السبت، 8 سبتمبر 2012

ليحكمنا الجيش الى الابد

تستغرق المشاوير ضعف وقتها في يوم اخر يوم عمل من شهر رمضان الكريم ، ويكون اطولها مسافة هو الطريق الي العمل وان كان قريباً نسبة للاجهاد المصاحب للصوم والمغالاة في الاستعدادات ليوم العيد
استقللت سيارة اجرة "امجاد" وكعادة أغلب السائقين فان لدى كل منهم اذاعة مفضلة لكسر الملل والترفيه عنهم اثناء عملهم وقيادتهم في شوارع المدينة المزدحمة حد الامتلاء.
 ونسبة  لكثرة استقلالي لسيارات الاجرة فقد اتخذت ايضاً اذاعات مفضلة وهي اذاعة سوا واذاعة القران الكريم ، لان البقية ببساطة لا تكف عن توجيه برامجها بشكل سافر لدعم ايدلوجيات محددة ، ولو انني ادون كل ما اسمعه عبر الاذاعات صباحاً في رحلتي القصيرة الي العمل لما فرغت الي تدوين اي شئ اخر.
لسوء حظي يبدو ان صاحب الامجاد كان المتابعين للمحطات الاذاعية ذات البرامج الحوارية التي تقدم وجهات النظر على انها حقائق علمية.
الحلقة الحوارية كانت عن تأثير التكنولوجيا علي المجتمعات ، يناقشها استاذ مساعد بكلية علوم الحاسوب والمحاور الاخر يبدو انه متفقه في الدين
 اصبت بحالة من الذهول اثر استماعي لبرنامج يبث عبر اثير اذاعة ما ويسمعه/ا الاف من المواطنين/ات البسطاء ويساهم في تشكيل وعيهم/ن وارائهم/ن. وسأتجاوز عرض عدد من النقاط "المذهلة" وانتقل الى الاكثر اذهالاً  
تهللت اساريري عندما سمعت الاستاذ المساعد يتحدث عن اهمية واولوية الاستثمار في تعليم من يحكم السودان ، لان ازمتنا التاريخية ازمة حكم ، ونحتاج ان ننتج كوادر مؤهلة لادارة البلاد ، وقد انتقلت مخيلتي فوراً للاستثمار في تطوير مناهج كليات ادارة الاعمال ، العلوم السياسية ، الفلسفة والاقتصاد. ولكن سرعان ما تبددت هذه البهجة فور سماعي ان من حكم السودان لاطول مدة منذ الاستقلال هو الجيش ، عليه يجب ان نسعى لتطوير مناهج الكلية الحربية حتى تنتج قادة يمكنهم ادارة ازمات البلاد. لوهلة ظننت انها مجرد مزحة لسماعي لضحكات اثيرية ، ولكنه اكد فرضيته ضارباً مثلاً بالجيش الامريكي ، مشيراً الى ضخامة ميزانية الجيش الامريكي ، وضخامة المشاريع البحثية والتعليم المتطور الذي يتلقاه كادره ، وان نشأة الانترنت بالاساس هي نتاج احد مشاريع الجيش الامريكي.

وبنهاية هذا الحديث قفزت الى ذهني عدد من المشاهد والصور ، منها الصورة منتشرة علي مواقع التواصل الاجتماعي رسم بياني يوضح نسبة الصرف بين الخدمات التعليم والصحة والجيش والامن من ميزانية الدولة والتي تتعدى % 70

تصورت الجيش السوداني الذي يخوض معاركه في مناطق مأهولة بالسكان ، مما يؤدي الي قتل وتشريد الاف الابرياء

راودتني تساؤلات عديدة عن ما هي اهمية الجيش في الدول المعاصرة؟ وهل احدى ادواره هي حكم البلاد؟

ترى ما هو شعور منتفضي يونيو_ يوليو عند سماعهم لهذا المقترح ، وما هي اسباب الثورة ان لم تكن ضد حكم العسكر؟ ما هي امالنا ان لم نطمح لبناء دولة مؤسسات ، مدنية ديموقراطية ، يكون دور الجيش فيها حماية الارض من "الاعتداءات الخارجية " ، وليس خوض الحروب الاهلية او حكم البلاد والسيطرة على السلطة التنفيذية وتغييب السلطة التشريعية والقضائية

لا ارغب في خوض مقارنة عكسية بين السودان وامريكا وبين الجيش السوداني والجيش الامريكي ، فلا قواسم مشتركة سوى ان اخر حرب اهلية في امريكا انتهت منذ قرابة المئة وخمسين عام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق